الاثنين، 21 يناير 2013

الورود وأركان التربية الجمالية

الورد
يبدو أن الحياة الحديثة بتفاصيلها اليومية المعقدة وأحداثها المتداخلة وعوالمها التكنولوجية المرئية و المسموعة، قد شغلتنا عن نشاط من أهم أنشطة العقل الإنساني، وهو التأمل والنظر.
وأنا حاملة باقة من الزهور المختلفة إلى دارنا في طريق العودة من العمل، طفقت أرتب الورود في مزهريات صغيرة لكي أوزعها في أركان منزلنا الصغير وغرفه.
نوران تتبعتني في نشاطي، ثم اقتربت من إحدى المزهريات التي جمعت أربع ورود: وردة قرنفل صفراء بحواف حمراء، وثانية أوراقها وردية خالصة، ثم بجوارهما وردتان من الورد "البلدي" المصرية: إحداهما صفراء، والأخرى حمراء، نظرت نوران في إعجاب، وقالت: "
الله يا أمي ما أجملها.. هذا لا شك ورد صناعي!". أذهلني تعليقها، فهل صار الصناعي في دقته وتطوره في أعيننا أبهى من الطبيعة التي خلقها الله سبحانه؟!
"لا يا نوران.. اقتربي والمسي الأوراق..هيا".. ترددت ابنتي ثم اقتربت بأناملها من أوراق الورد ثم صرخت:" آه.. إنها طبيعية!!"..
وكان درس هذا اليوم هو أن الجمال هبة ربانية، وأن الله هو البديع خالق الجمال، وأن آياته في الكون تدل عليه، ولو كان الكون صدفة لربما كان متحركًا وفاعلاً (ربما!)، لكنه بالتأكيد لم يكن ليصطبغ بهذا الجمال..فأنَّى للصدفة أن تزين زعانف الأسماك الصغيرة بألوان الطيف، وتكسو أجنحة الحشرات بلون أخضر حتى لا يراها الفلاح، وتترك لمسات ندى ملونة في نسيج الأزهار؟! إن أحد أدلة الألوهية جمال الكون، لكن يبدو أننا انشغلنا بالأوراق والصحف والكتب فانصرفنا بالكلية عن التأمل في كتاب الكون المفتوح الذي يدعونا للإيمان..
وقد يجد الباطل له حجة في حروف وكلمات، وقد يُسَوِّد بالزيف صفحات، وقد يصدقه البعض إذا ما زين منطقه بالزخرف؛ ليخدع من لا يملك مفاتيح الفقه والجدل، لكن أوراق الورد وألوان البحر وأحوال الطير ودروب النمل وخلايا النحل وتقلب الليل والنهار أبلغ أحيانًا من ردود تكتب بالمداد على الأوراق وفي المجلدات.
آيات الآفاق والأنفس يدركها النظر والحواس؛ حتى وإن جهل الإنسان لغة الفلسفة وكلام المناطقة والمتكلمين.. التربية الجمالية هي أحد أركان التربية العقيدية، فاقرءوا الآيات في كتاب الكون وأقرئوها أولادكم.. "حتى يتبين لهم أنه الحق".
في طريق العودة للمنزل اليوم اشتروا.. ورداً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق