الخميس، 17 يناير 2013

شيوخ السلفية الجهادية بالمغرب يعتبرون الحكام المتعاونين مع فرنسا في حربها في مالي 'خونة يجب خلعهم'


اعلن المغرب دعمه للحرب على الارهاب في شمالي مالي وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ان الرباط سمحت لباريس باستخدام الاجواء المغربية لشن هجمات جوية في حربها على مالي فيما خرج شيوخ السلفية الجهادية بالمغرب يكفرون هذه الحرب ويعتبرون الحكام المتعاونين مع فرنسا خونة يجب خلعهم.
وأعرب الوزير المغربي في الشؤون الخارجية الثلاثاء بنيويورك عن تضامن المغرب مع مالي 'التي تمر حاليا بأزمة منقطعة النظير بسبب سيطرة المجموعات المتطرفة على شمال البلاد وتقدمها نحو جنوبها'.
وقال يوسف العمراني على هامش مشاركته في اجتماع رفيع المستوى بمجلس الأمن الأممي حول موضوع 'مقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب' إن 'المغرب يعبر عن تضامنه مع مالي من أجل عودة النظام الدستوري واحترام المعايير الأساسية التي تتمثل في احترام وحدته الترابية واستقلاله في مواجهة هذه الحركات الانفصالية التي تهدد السلم والأمن ليس فقط في منطقة الساحل بل تتعداها إلى المغرب العربي والخارج'. وقال العمراني ان 'المغرب حذر بشكل متواصل المجتمع الدولي من تردي الوضع في منطقة الساحل التي لا تزال تواجه تحديات متعددة الأبعاد ومعقدة ومترابطة'.
واضاف إن 'الساحل اليوم يوجد في مقدمة الملفات المطروحة على الساحة الدولية بسبب الأنشطة الأخيرة للجماعات الإرهابية والمتطرفين الذين يهددون استقرار وأمن دول منطقة الساحل وغرب إفريقيا والمغرب العربي' معربا عن أسفه لـ'تباطؤ الرد الدولي' إزاء الانزلاق المتدرج لشمال مالي في قبضة الجماعات الإرهابية. وأكد أن 'ثلثي مالي توجد حاليا بين أيادي العناصر الإرهابية التي لا تفتأ تتعزز بالنظر إلى تباطؤ رد المجتمع الدولي'. وأضاف أن 'المغرب ساند بشكل كامل دعوة الحكومة المالية المشروعة لتلقي مساعدة خارجية لمكافحة هذه العناصر الإرهابية ويوجد حاليا دعم مهم يقدمه الشركاء الثنائيون لهذه الدولة' داعيا الأمم المتحدة إلى 'تسريع وتكثيف جهودها لمساعدة حكومة مالي وضمان انتشار سريع للبعثة الدولية لدعم مالي تحت قيادة إفريقية'. وقال إن 'الدعم الثنائي والتعبئة السريعة للموارد والدعم اللوجستي للبعثة الدولية لدعم مالي صارت ضرورية اليوم أكثر من أي وقت مضى'.
وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في مؤتمر صحافي عقده في دبي إن السلطات المغربية سمحت للقوات الجوية الفرنسية باستخدام مجالها الجوي للوصول إلى مالي.
وبدأت الغارات الجوية الفرنسية نهاية الأسبوع الماضي لدعم القوات المالية على الأرض مستهدفة المقاتلين الإسلاميين بمدينة كونا وسط البلاد، وامتدت لاحقا إلى مدن أخرى تقع تحت سيطرتهم في شمال مالي من بينها غاو.
وإضافة إلى المغرب، قال هولاند إن الرئيس الجزائري بوتفليقة سمح بدوره للطائرات الفرنسية عبور المجال الجوي لبلاده.
وقالت وكالة الانباء المغربية الرسمية ان كان العاهل المغربي الملك محمد السادس تلقى الإثنين اتصالا هاتفيا من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند 'حيث تشاورا حول الوضع في مالي لاسيما بعد التطورات الأخيرة المسجلة في هذا البلد الشقيق'. وحذرت صحيفة 'التجديد' المقربة من حزب العدالة والتنمية الحزب الرئيسي بالحكومة المغربية من الحرب الفرنسية على مالي وقالت في افتتاحيتها امس الاربعاء 'ما من شك أن التدخل العسكري الفرنسي في مالي يفتح الباب على المجهول في المنطقة'.
وشككت الصحيفة بمصداقية التصريحات الفرنسية حول اسباب وتوقيت التدخل بمالي وقالت ان 'الدرس العراقي لا يزال شاخصا، هذا في الوقت الذي يسود فيه جدل حتى داخل الطيف السياسي الفرنسي حول الأهداف الحقيقية من هذه الحملة العسكرية على مالي، وهل اتخذ القرار فعلا لمواجهة الإرهاب كما هي تصريحات المسؤولين الفرنسيين الرسميين؟ أم هي لحماية المصالح الحيوية والاستراتيجية الفرنسية في النيجر (اليوارنيوم)؟ أم أن الأمر يرتبط بالرفع من شعبية الرئيس فرانسوا هولاند التي تضررت في الآونة الأخيرة؟ بل، تتعزز جدية هذا السؤال بالنظر إلى زمن الحملة العسكرية، وطبيعتها الانفرادية، في ظل ضعف التعاون الدولي'.
واستدلت الصحيفة بمؤشرات تؤكد بـ'أن المعركة لن تكون نزهة صيف عابرة، وأن تحدي الفشل وارد، مما يطرح تحديات حقيقية على دول المنطقة '، و'أن دول المنطقة برمتها، مدعوة إلى التفكير الجدي في السيناريوهات المتوقعة، بل ومدعوة إلى طرح جميع المداخل الممكنة لمعالجة مستقبل المنطقة، بما في ذلك محاولة صياغة الموقف الجماعي الموحد داخل الإطار المغاربي الذي يبدو أن الحاجة إليه أضحت ملحة أكثر من أي وقت مضى لمواجهة مثل هذه التحديات المتعاظمة'.
رموز السلفية الجهادية بالمغرب كانوا اكثر تشددا في ادانة الحرب الفرنسية على مالي وكتب حسن الكتاني، أحد رموز هذا التيار صفحته على الفايسبوك 'ان فرنسا كانت من اشد اعداء المسلمين و اكثرهم اجراما في حقهم، واهل المغرب الاسلامي كله عانوا من احتلالها لبلادهم و قتلها لخيارهم واستخدامها لجميع الوسائل الاجرامية في قتل الرجال والنساء والاطفال، حتى انها افنت قرى كاملة وقضت على قبائل بأسرها في الجزائر وفي غيرها'، وان أن التدخل الفرنسي 'في الشؤون الداخلية للمسلمين في بلاد مالي لأمر لا يمكن لأي مسلم إلا ان يستنكره'، مؤكدا على أنه 'ليس من حق اي اجنبي ان يتدخل في شؤون المسلمين فضلا عن ان يبعث جيوشه ليقتلهم ويحتل بلادهم تحت اي ذريعة، هذا ديننا وهو اجماع جميع المسلمين من جميع المذاهب'.
ووصف محمد رفيقي أبو حفص ما يقع على أرض مالي المسلمة بأنه 'عدوان فرنسي غاشم، وترويع للآمنين، وقتل للأبرياء والمستضعفين، جريمة شنيعة، ومنكر عظيم، وتدخل سافر في شؤون المسلمين، لا يمكن السكوت عنه بحال، ولا تسويغه بأي مبرر'.
وجرم أبو حفص المتعاون مع الفرنسيين في عدوانهم على مالي وقال 'إن إثم التعاون مع هؤلاء المحتلين لا يقل عن إثم الفرنسيين، فلا يجوز بأي حال من الأحوال مظاهرة ومناصرة هذه القوى الاستعمارية في اعتدائها على بلاد المسلمين، وتدخلها في شؤونهم، ونصوص الشريعة في هذا واضحة بينة لا تقبل التأويل'.
وحذر عبد الرزاق أجحا أحد رموز التيار 'السلفي الجهادي' فرنسا وكتب 'مهلا فرنسا..فان الأمة استيقظت' ووصف حرب فرنسا على مالي بأنها 'حرب صليبية.. تحت مبرر الجماعات الارهابية والمتطرفة. والحقيقة هي حرب على كل ما هو اسلامي جهادي يريد العودة بالأمة الى المنبع الصافي ويرفض التبعية لصهيو صليبي'.
واستنكر أجحا صمت 'علماء الأمة'، الذين قال عنهم إن 'أصواتهم قد بحت عندما قتل السفير الأمريكي في ليبيا'، ووصف المتعاونين مع فرنسا في حربها على مالي بـ'الأوباش'، وحذرهم بقوله: 'أما أوباش افريقيا أكانوا عربا أو عجما أقول لهم ان فرنسا ستجر أذيال الهزيمة لا محالة وستفر من مالي عاجلا أو آجلا. وستترككم وحدكم تواجهون الارهابيون كما تقولون ولن ينفعكم أحدا فإياكم والحرب بالوكالة عن نصارى أوروبا. فان دين الله غالب وأهله منصورون بإذن الله'.
وذهب عمر الحدوشي، أحد أكثر رموز هذا التيار تشددا، إلى حد تكفير كل من متعاون مع الفرنسيين في حربهم على مالي واستدل بفتوى عبد العزيز بن باز (أحد كبار رموز الوهابية، ومفتي السعودية سابقا)، والتي تقول 'وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم'.
وحسب موقع 'الف بوست' فإن المغرب يقدم دعما لوجيستيا للقوات الفرنسية في تدخلها في مالي للقضاء على الجماعات المسلحة هناك، كما تقدم الجزائر دعما مماثلا في حين تعارض تونس التدخل الفرنسي في هذا البلد الواقع في الساحل الإفريقي.
وحسب نفس المصدر من المحتمل أن تكون القواعد الجوية المغربية في الصحراء انطلاقة لعدد من طائرات رافال بحكم أن شمال غرب مالي حيث يتواجد المقاتلون الإسلاميون قريبا من الحدود المغربية وتفصله فقط الأراضي الموريتانية.
ويقدم المغرب الدعم الاستخباراتي للقوات الفرنسية بحكم المعلومات التي جمعها خلال الثلاث سنوات الأخيرة عن المنطقة، وهي المعلومات التي ساهمت اسبانيا في التوصل الى الإفراج عن رهائنها الذين كانوا قد اختطفوا في مخيمات تندوف السنة الماضية.
وأكد محمد ضريف أستاذ العلوم السياسية والباحث في الجماعات الإسلامية، أن المغرب دعم التدخل العسكري في مالي انطلاقا من موقفين هما الدفاع عن وحدة مالي ومنع أي دولة منفصلة في الشمال والموقف الثاني، رفض المغرب للإرهاب، و ضد كل الحركات المسلحة في شمال مالي سواء منها القاعدة أوحركة التوحيد والجهاد أو حركة تحرير أزواد وجماعة أنصار الدين.
وحول تأثير الدعم المغربي للتدخل العسكري الفرنسي، يعتقد ظريف ان بعض القوى السياسية في المغرب قد ترفض ذلك التدخل رغم أن المغرب رسميا أبدى استعداده لدعم حكومة مالي، وكان المسؤولون الماليون يحثون و يطلبون مساعدة المغرب، لكن أقصى ما يمكن للرباط تقديمه هو الدعم اللوجستيكي، وهو ما تبين بعد اتصال هولاند هاتفيا بالملك وحصل من خلال ذلك الإتصال على موافقة من الملك للسماح للطائرات الفرنسية لعبور الأجواء المغربية، بالإضافة إلى موافقة الجزائر على ذلك أيضا رغم رفضها لذلك التدخل العسكري، وهو ما يضع باريس أمام خيارين للعبور، فالمسار المغربي يتطلب المرور عبر موريتانيا أما الجزائري فالتدخل يتم بعبور الجزائر فقط. وقال محمد ظريف، بأن المغرب لا يربط بشكل مباشر فيما يجري بمالي وبين قضية الصحراء باعتبار أن لديه دعم واضح بعدم المساس بوحدة الدول وإيجاد حل لضمان استقرار الأقاليم الجنوبية لمواجهة الإرهابيين وكل من يقف وراء الجريمة المنظمة.
وأعلن سفير المغرب في بماكو حسن الناصري عن تشكيل خلية أزمة للسهر على تتبع الوضع وعلى أمن المواطنين المغاربة بمالي.
وابلغ الدبلوماسي المغربي خلال لقاء إخباري نظمته السفارة المغربية لاطلاع أفراد الجالية المغربية المقيمة في مالي على آخر التطورات التي يشهدها الوضع في هذا البلد ان خلية ازمة شكلت للاهتمام باوضاع الجالية والإجراءات المتخذة على مستوى السفارة بتنسيق مع القطاعات المعنية.
وطمأن السفير المغربي خلال هذا الاجتماع أفراد الجالية المغربية ودعاهم إلى التحلي بمزيد من اليقظة وإلى الالتزام بالتدابير المتخذة من قبل السلطات المالية خاصة في حالة الطوارئ.
وتتكون الجالية المغربية المقيمة في مالي من نحو 380 فردا مسجلين لدى المصالح القنصلية بالسفارة وينشطون خاصة في قطاعات البنوك والاتصالات والفندقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق