الجمعة، 11 يناير 2013

خطبة الشيخ العريفي في مدح مصر والكذب الصريح بالدليل والبرهان في بيت الله

نص القصة كما خرجت من فم العريفي مع مقارنته بالنص الأصلي للقصة المغمورة تاريخياً:
".... وإذا ذكرت مصر وتاريخها ذكرت العباد والزهاد ذكرت حيوة ابن شريح وذكرت أبا محمد إبن سهل وكان عابدا صالحا آمرا بالمعروف داعيا إلى العقيدة الصحيحة وكان يذم العُبيديين الشيعة الذين حكموا مصر فترة فجاء به الخليفة العُبيدي وقال له: سمعنا انك تقول: لو أن معي عشرة اسهم لرميت الصليبيين بواحد ورميت العُبيديين بتسعه، فهل هذا صحيح انك قلت ذلك؟ فقال: لم اقل هذا قال: إذاً ماذا قلت؟ قال: قلت لو معي عشرة اسهم لرميت العبيديين بتسعه ورميت العاشر فيهم ايضا فإنكم غيرتم الملة وتنقصتم القرآن وذممتم صحابة رسول الله ووقعتم في عرضه وغيرتم الدين وقتلتم أهل السنة. قال فغضب عليه وأمر به وربط ثم دعا رجل يهودي فقال: قطع لحمه حتى يموت. فجعل يقطع لحمه قطعة قطعه وهو يتلو القرآن وذلك اليهودي يسلخ جلده سلخا كما تسلخ الشاة وهو يتلو القرآن وذاك العبيدي ينظر إليه حتى رق له اليهودي وطعنه بالسكين في قلبه ليقتله حتى يريحه من كثرة العذاب، إمامٌ من أئمة مصر ...."
النص الأصلي كما ورد في كتب التراث:
ذكر الذهبي في سير إعلام النبلاء (148/16) هذه القصة وفي أكثر من رواية وأكثر من مصر وقال: هو الإمام القدوة الشهيد، أبو بكر.محمد بن أحمد بن سهل (الرملي) والمعروف في حياته (بإبن النابلسي).
قال أبو الفرج بن الجوزي: أقام جوهر القائد لأبي تميم صاحب مصر أبا بكر النابلسي، وكان ينزل الاكواخ، فقال له: بلغنا أنك قلت: إذا كان مع الرجل عشرة أسهم، وَجَبَ أن يرمي في الروم سهما، وفينا تسعة، قال: ما قلت هذا، بل قلت: إذا كان معه عشرة أسهم، وجب أن يرميكم بتسعة، وأن يرمي العاشر فيكم أيضا، فإنكم غيّرتم الملة ، وقتلتم الصالحين ، وادّعيتم نور الالهية، فشهره ثم ضربه، ثم أمر يهوديا فسلخه.
قال ابن الاكفاني: توفي العبد الصالح الزاهد أبو بكر بن النابلسي، كان يرى قتال المغاربة، هرب من الرملة إلى دمشق، فأخذه متوليها أبو محمود الكتامي، وجعله في قفص خشب، وأرسله إلى مصر، فلما وصل قالوا: أنت القائل، لو أن معي عشرة أسهم...وذكر القصة، فسلخ وحشي تبنا، وصلب.
وفي رواية أخرى: عندما اسـتولى العبيديّون على بلاد الشام طلبوا أبا بكر وبحثوا عنه حتى أُلقِـَي القبضُ عليـه في دمشق، فاعتُقِلَ وقُيِّدَ وبُعِثَ بـه إلى القاهرة، وأُحضِرَ بين يدي المعزِّ الفاطميَّ ، فقـال له المعِزُّ: بلغني عنك أنـك قلت : لو أن معي عشرة أسهم لرميت الروم بتسـعة ورميت المغاربة بسهم. فقال أبو بكر رحمه الله: ما قلت هـذا. فظن المعِزُّ أنه رجع عن قوله، فقال : كيف قلت؟ قال: بـل قلت: إذا كان مع رجل عشرة أسهم ، وجب أن يرميكم بتسعة وأن يرمي العاشر فيكم أيضـاً، فإنكم غيرتم الملَّة ، وقتلتم الصالحين ، و ادعيتم نـور الإلهيّة.
الكذبة رقم (1)
يعني الرجل يا شيخ عريفي لم يكن مصرياً على الإطلاق، وكان يكفي أن تكمل باقي إسمه حتى تعلم هويته ومن أين أصله وفصله، لأن باقي أسمه وكنيته تدل على كذبك وعلى تدليسك على عباد الله الحاضرين للصلاة وأنت في بيت الله ولم تستحي من الله وخلقه، فالرجل كان من مدينة الرملة في فلسطين المحتلة الآن - يا شيخ لا تستحي قلها، من الرملة المحتلة من الصهاينة ولم تتحرر بعد – وكان آنذاك من بلاد الشام الإسلامية، ولتأكيد هذه الحقيقة كان يُعرف بإبن النابلسي يعني أن له جذور في مدينة نابلس الفلسطينية  المحتلة أيضاً الآن وليس آنذاك، ولم يكن أسم بالرجل الدمياطي أو الفيومي حتى يدخل في خطبتك على أنه من رجالات وأئمة مصر، فكذبت على خلق الله ولم تكمل أسم الرجل حتى يظن المصريين أنه من مصر ووأحد رجالاتها، وهذا كذب صريح وتدليس لأن الرجل عاش في مدينة الرملة كإمام ولم تذكر الكتب أنه ولد في مصر أو عاش بها أو حتى زارها في حياته من قبل أن يُجلب من دمشق إلى مصر حتى يحاكم على آراءه وموقفه من حكم العُبيديين هناك.
ولكن حتى لو ذكر العريفي أن هذا الرجل من أرض فلسطين المحتلة الآن – وسوف أكتب لاحقاً عن هذه النقطة أيضاً، لماذا لم يذكر العريفي كامل الأسم والكنية - وبلاد الشام آنذاك لما قلل ذلك من قيمة مصر العظيمة ولا من قلة عدد رجالاتها العلماء، ولكنه كان يبحث عن أية قصة لا يهمه حجمها التاريخي ولا من هم أشخاصها ولا ما هي أهميتها الفعلية في سياق الخطبة التي يذكر فيها خصال مصر وفضل رجالاتها، لأنه كان يريد البحث و"البحبشة" في بطون كتب التراث المنسية عن أية قصة يُذكر فيها فقط كلمة مصر حتى يُدخل فيها "هاجسه الشيعي" ويقحمه بقوة في تلك الخطبة - التي تخاطب فقط فضائل مصر ورجالاتها أو من أقام فيها مدة من الزمن وتأثر بها أو زارها على الأقل - حتى يذم الشيعة وينفخ بنار الفتنة الطائفية التي تحترق بها الآن بعض دول المنطقة وجاء الدور على مصر المتسامحة دينياً مع كل الطوائف والأقليات من القديم وحتى اليوم ولكن قبل أن يدخلها ويتغلل في شرايينها نفط دولة السعوديين.
وإمعاناً في الكذب والتدليس على خلق الله، لم يكتفي العريفي ببتر أسم الرجل (الرملي) وما يُعرف به بين الناس (بإبن النابلسي) ولكنه أصر في آخر الفقرة على أنه "إمام من إئمة مصر" لتأكيد كذبه وعدم تراجعه عنه، قمة الكذب وعدم الأمانة بالنقل والتبليغ، هل هذا حلال يا مشايخ السلطان؟
الإشكالية الحاصلة الآن أن هذا الرجل من إسمه وكنيته لم يكن مصرياً على الإطلاق ولا يمكن أن نضيفه إلى قائمة رجالات مصر للإعتبارات الآنف ذكرها، ومع ذلك كان عنده موقف من حكم "العُبيديين الشيعة" في مصر وبلاد "المغاربة" وهو يعيش في الرملة الفلسطينية، وفي خطبتك كنت تتحدث عن فضائل مصر ورجالاتها هل يعقل أن لا تجد في كل كتب التاريخ المعروفة والمجهولة رجل من رجالات مصر على كثرتهم وعلى عظمتها وكبر حجمها وجغرافيتها آنذاك، مَنْ كان له نفس موقف (إبن النابلسي) من حكم العبيديين الشيعة وله نفس الأفكار والآراء والثبات عليها، ولم تعثر على أحد منهم وعثرت على هذه القصة المغمورة لرجل غير مصري فقط لذكر إسم مصر في سياق القصة، هل هذا هو ما تعتبره فضل لمصر ولرجالاتها، ولإمامٍ لم يكن من أئمتها؟
وهل معنى ذلك أنه بعد عناء البحث والتنقيب عن رجل من مصر كان له نفس الموقف من حكم العُبيديين الشيعة، لم يُجدى نفعاً، وكان لزاماً عليك أن تَحشر موقفك أنتَ من الشيعة في جلباب من لم يكن مصرياً لتسوقه على أنه إمام من أئمة مصر قام بمقاومة الشيعة آنذاك وتحمل السلخ والتقطيع في سبيل الثبات على موقفه من حكم العبيديين الشيعة، بمعنى آخر وعلى ما يبدو أن الشعب المصري كان آنذاك راضٍ ومقتنع بحكم هؤلاء "الشيعة" لذلك لم تجد في كل كتب التاريخ سوى هذا الرجل النابلسي الذي قاوم حكمهم، هذا إحتمال، وهذا يعني أنك "تذم" موقف مصر و"تخاذل رجالاتها" من عدم الوقوف في وجه هؤلاء الحكام الشيعة لرضاهم وعدم مقاومتهم لحكم الشيعة، والإحتمال الآخر ليس بأحسن منه، إذا قلت أن الشعب المصري كان غير راضٍ عن حكم العبيديين الشيعة ولكنهم كانوا يخافونهم ويخافون على حياتهم من السلخ والتقطيع، وهذا يعنى أنك تذمهم أيضاً - بما ليس فيهم في الواقع – بإعتبارهم "جبناء" لم يقدروا على التصريح بمواقفهم وعدم رضاهم عن حكم (الشيعة) مع أنهم كانوا أغلبية سنية قادرة على قلب نظام الحكم من الداخل آنذاك، كما حصل في الوقت الحالي في 25 يناير وإنقلاب هذا الشعب العريق وهم أغلبية سنية مع الأقباط وباقي مكونات الشعب على الحاكم السني الظالم المستبد مبارك، الذي كان مدعوماً من أسيادك وبالذات من ولي نعمتك الحالي عبد الله بن عبد العزيز، الذي عاتب بشدة باراك أوباما على تخليه عن مبارك حليفهم وحليف الأمريكان، وأنه على إستعداد أن يدفع لمبارك وحكمه الفاسد 2 مليار دولار المنحة السنوية الأمريكية في حال تهديد أمريكا مبارك بوقف تلك المساعدة إذا لم يرضخ لمطالب الشعب، هذا هو موقف "حكم السعوديين" – وليس حكم العبيديين – من الشعب المصري عندما ثار على الحاكم الفاسد، هذا هو موقف ولي أمرك قبل سنة من الشعب المصري الذي تكيل له المديح الزائف الآن حتى تمسح ذاكرة المواطن المصري عما فعلته الدولة السعودية في مصر وشعبها في هذه الأيام، فحاولت مدحهم بالكذب والتلفيق من خلال قصص عفى عليها الزمن ولم يعد لها معنى ولا فائدة من ذكرها الأن، أللهم سوى إثارة الفتنة الطائفية وشحن المصري ضد أي تقارب سني شيعي إيراني عربي وفي نفس الوقت حتى تقلب حقائق الزمن الحالي للمواقف المخزية والإجرامية بحق مصر وشعبها من دولة السعوديين.
وطالما أنك لم تجد مصري واحد في كتب التاريخ أنه تصدى لحكم الشيعة في مصر آنذاك، مع ذلك حشرت قصة إبن النابلسي وعددتها من فضائل مصر ورجالاتها، فقد كذبت على مصر وشعبها بهذه القصة وذممتهم من حيث تدري أو لا تدري، وهذه جريمة تستحق عليها المساءلة والعقاب وقبل ذلك الإعتذار والإعتراف لشعب مصر وعلى الهواء مباشرة وعلى القناة المصرية الرسمية الأولى، بأنك كذبت عليهم بقصة هذا الأمام الذي لم يكن مصرياً ولا من أئمتها، وأنك إخفيت أسم هذا الرجل الذي لم يكن راضٍ عن حكم العبيديين الشيعة عن قصد ولهدف إثارة الفتنة السنية الشيعية ولشحن المصريين على أخوتهم من المذاهب والطوائف الأخرى حتى تصبح مصر مثل العراق وسوريا ولا تبقى في المنطقة إلا "حضارة" قطر ودولة السعوديين والكيان الصهيوني. وتذكر لهم وتعتذر أنك وبشكل مبطن إتهمت الشعب المصري من خلال هذه القصة، بأنه كان خائفاً أو متخاذلاً عن مقاومة ذلك الحكم "الشيعي"، وهذا ما كذبته ثورة هذا الشعب العظيم في هذا الزمن، هذا الشعب الذي ليس بحاجة لا لإبن النابلسي ليعلمه مقاومة الظالم والمستبد مهما كانت طائفته أو مذهبه أو عرقه، كما أنه ليس بحاجة لمدحك الزائف الذي ما قمت به إلا لإثارة الفتن وإبعاد شبهة التخاذل والمواقف المخزية لدول السعوديين عندكم.
الكذبة رقم (2)
الكذب والتدليس الفاحش والواضح فيما قاله العريفي زوراً وبهتاناً وأفكاً على لسان (إبن النابلسي) – بصرف النظر الآن عن محتوى كلام النابلسي ومضمونه ولماذا قاله – حينما سُئِل عن سبب مقولته تلك وهل هي صحيحة أم لا، فرد إبن النابلسي بأنه قال ذلك وأكثر إلى أخر المقولة ومن بعد ذلك بدأ النابلسي يذكر الأسباب التي دفعته إلى إتخاذ هذا الموقف وهنا يظهر بوضوح تحريف العريفي لما ذكره الرجل. إبن النابلسي قال في كل الروايات التي ذكرت التفاصيل كاملة:
"... فإنكم غيرتم الملَّة ، وقتلتم الصالحين ، وإدعيتم نـور الإلهيّة." نقطة إنتهى كلام النابلسي عند هذا الحد.
أما العريفي ماذا قال في خطبة يوم الجمعة في بيت الله وأمام خلق الله: فإنكم غيرتم الملة (1) وتنقصتم القرآن (2) وذممتم صحابة (3) رسول الله (4) ووقعتم في عرضه (5) وغيرتم الدين (6) وقتلتم أهل السنة.
هذا ما سوف أعلق عليه في المقال القادم، وكذلك باقي الأكاذيب سوف أفصلها في المقال القام وكذلك قصة سلطان العلماء العز بن عبد السلام الذي كنت قد كتبت عنه في عرب تايمز مقالأ على ما أذكر في عام 2004 وقارنت فيه بين هذا العالِم بائع الملوك والأمراء وبين مشايخ هذا الزمان وعلى رأسهم القرضاوي شاري ود الملوك والحكام الظلمة والمستبديين أيام قوتهم وبائعهم عندما يسقطون وتثور عليهم الشعوب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق