من ظلام السجون الى علنيّة المحاكمة!
إنجاز للإصلاحيين، وللحراك المتواصل في
كل مناطق المملكة لانتزاع الحقوق المسلوبة من النظام السعودي
المستبدّ.
لقد أصرّ الحقوقيان د. عبدالله الحامد،
ود. محمد القحطاني، على رفض الحضور للمحاكمة التي رفعتها
وزارة الداخلية عليهما، عبر المدّعي العام، ما لم تكن
المحاكمة علنيّة. وكانا على استعداد لأن يعتقلا بدون محاكمة
من أن يصدر بحقهما أحكام وفق محاكمة صورية سرّية.
العلنيّة مكسب انتزع من النظام؛ وحتى لو
كانت النتيجة ـ المرجحة حتى الآن ـ تقول بأنهما ووفق المحاكمة
السياسية القائمة سيحكمان بالسجن، ما لم يغيّر الأمراء
موقفهم قبل يوم صدور الحكم في 15/12/2012.. فإن ما أراده
الناشطان تحقق:
فقد فضحا علناً كيف أن المحاكمة سياسية
بامتياز؛
وأن القاضي جاهل بالقضاء وبالسياسة، وأنه
مجرد موظف عند وزير الداخلية؛
وأن الإتهامات الحكومية للناشطين تضحك
الثكلى لسخافتها، ومع هذا فإن المدّعي العام لم يقدّم
أدلّة إثبات عليها؛
وأن المدّعي العام، ربيب وزارة الداخلية،
لا استقلال له، ومتواطئ كما صاحبه القاضي في التخطيط عن
سابق إصرار لاعتقال الناشطين السلميين.
لتكن الأحكام قاسية. لكن فضيحة القضاء
والقضاة ووزارة الداخلية السعودية، منجزٌ لشجاعة قيادات
(حسم) بسبب اصرارهم على عدم حضور جلسة محاكمة غير علنية.
قبل أن تظهر الأحكام المعدّة سلفاً من
وزارة الداخلية.. نضع القراء في أجواء جلسة المحاكمة الأخيرة
التي تسبق النطق بالحكم، والتي تمت في الثامن من ديسمبر
الجاري، والتي حضرها ناشطون ومحامون وصحفيون محليون رسميون،
ومندوب عن هيئة حقوق الإنسان الحكومية (للمرة الثالثة)،
وكذلك مندوب عن الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان شبه الحكومية
(للمرة الثانية)، اضافة الى الصحافية المستقلة إيمان القحطاني،
ومراسل قناة سكاي نيوز عبدالمحسن القباني.
القاضي أرعن
فور جلوس القاضي حماد العمر، خاطب الصحافية إيمان القحطاني بالقول: يا إيمان القحطاني، أنت موقوفة بتهمة تقديم معلومات مزورة. أنتِ قلتِ في الجلسة الماضية أنكِ مراسلة صحيفة الحياة، وهذا غير صحيح. وأمر القاضي رجال الشرطة بأن يأخذوها لشرطة المربع ويوقفوها. هنا اعترضت الصحافية إيمان القحطاني وقالت: أنا لم أقل إني مراسلة الحياة، وإنما أبرزت بطاقتي الصحفية المعطاة لي من صحيفة الحياة، كي أثبت أني صحفية. فأنتَ قلتَ في الجلسة الماضية حين أخرجت الجمهور: (الصحفيون يبقون)، فأبرزت البطاقة لكوني صحفية، لا كمراسلة للحياة، والبطاقة على أي حال سارية المفعول، ولازلت في الصحيفة! قال القاضي: عليك إثبات أنك لازلت في صحيفة الحياة. فطلبت الخروج للسيارة كي تحضر ما يثبت ذلك، لكن القاضي رفض خروجها! ردّت: كيف أثبت لك ذلك إذن؟ هنا عرض د. محمد القحطاني كفالتها حتى تأتي بما يثبت أنها في الصحيفة، وأيضاً رفض القاضي ذلك. وهكذا بقيت الصحافية الى نهاية جلسة محاكمة الناشطين الحقوقيين، وحينها استدعاها القاضي مرة أخرى ودار نقاش طويل بينها، والمدعى عليهما، والمحامين من جهة.. والقاضي من جهة أخرى، انتهت بتراجع القاضي عن قراره. حينها سأل المتهم د. محمد القحطاني القاضي: من قال لك إن إيمان ليست موظفة في صحيفة الحياة؟ فأجاب: مراسل الحياة هو من قال لي ذلك. وقد أخذ بقوله هكذا بدون الرجوع الى الصحيفة، بل وأصدر قراراً باعتقالها أيضاً!القاضي غاضب ويفتقد أبجديات العدالة
قبل الجلسة، وبسبب الجدل مع الصحافية إيمان القحطاني، كان القاضي غاضبا، وتوجه للجمهور قائلا: أي شخص يخل بالجلسة فسأسجنه 24 ساعة! ثم توجه للمتهمين وخاطبهما: يا القحطاني والحامد، إذا أخل أي أحد من الجمهور بالجلسة فسأسجنكما، وستتم محاكمتكمها وأنتما في السجن. فقال الحامد: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) كيف يخطئ أحد الجمهور ونحن من يحاسب؟. ورد المحامي عبدالعزيز الحصان: (يا شيخ واضح عليك الغضب، ويبدو ان فيه شئ من عدم الاطمئنان، والقاضي لا يقضي وهو غضبان، الأفضل أن تؤجل جلسة المحاكمة). فرد القاضي: هذا شيء أقرره أنا!من أولى بالمحاكمة؟
في أثناء المرافعات قال القاضي للمتهمين المدّعى عليهم: (مبناكم ـ يا حسم ـ على التناقض)، فرد القحطاني: لقد تناقشنا في تغريداتنا وتناقضاتنا، ولا تريد أن تناقش في تشبيك الأراضي بملايين الأمتار ـ المقصود بالتشبيك سرقتها واحاطتها بسياج/ شبك ـ وزج أبناء الشعب في السجون بلا محاكمات. نحن أمام إدانة كبيرة للدولة، وجرائم ضد الإنسانية، وأنت تحاسبنا على تغريدات في تويتر)!محاكمة الأمراء!
عندما قرأ القحطاني دفوعه وورد فيها (كما صرح بذلك فضيلة القاضي في الجلسة الخامسة بأن جميع أولاد عبدالعزيز تحت الشرع).. قال القاضي: (لقد نظرت في دعاوى ضد أمراء، لقد عاقبت أمير ضابط كان على خلاف مع جندي بسبب التحية). فسأله القحطاني: (بم عاقبته؟). قال القاضي: (النطق في الحكم في الجلسة القادمة)!. فرد القحطاني: (والذين شبّكوا الأراضي، هل تستطيع محاسبتهم؟ يا شيخ أنت تعرف ونحن نعرف، أن هناك أشخاص فوق النظام، أريدك أن تأمر الجهات المعنية بإحصاء شبوك مشعل بن عبدالعزيز آل سعود ومتعب بن عبدالعزيز آل سعود، واضبط كلامي هذا في المحضر). سكت القاضي ولم يستجب للطلب.قاض جاهل باللغة وبتويتر
قاض جاهل باللغة وبتويترمرجعية الدولة لمن؟
قال القاضي بأن: مرجعية الدولة هي هيئة كبار العلماء؛ فرد عليه المحامي والناشط سلمان الرشودي بأن مرجعيتها هو الكتاب والسنه بنص النظام الأساسي للحكم. كما ردّ عليه المحامي الحصان بأن (هيئة كبار العلماء استشارية وليست إلزامية كما وضعها الملك فيصل). وسأل القاضي المدعى عليهما تعليقاً على سنّ نظام يحمي هيئة كبار العلماء والمفتي من النقد: (هل هناك دولة لا تحمي رموزها؟). فرد المحامي عبدالعزيز الحصان: (وهل هناك دولة تسجن رموزها؟). هنا وجه القاضي كلامه الى القحطاني: أجب بنعم أو لا. فرد عليه الأخير: (وهل هناك دولة تنتهك حقوق شعبها؟).نعم الدولة قمعية!
سأل القاضي مستنكراً: أنتم تقولون ان الإنتهاكات تصدر من أجهزة وأفراد في الدولة، ثم تقولون الدولة قمعية؟ فرد القحطاني: لقد شنّت أجهزة المباحث في العقد الماضي حملة اعتقالات كبيرة، وأدخلت الناس السجون بدون ضوابط قانونية، فلم تبرز مذكرات اعتقال، ولم توجه لهم تهماً رسمية، ولم تسمح للمعتقلين بتوكيل محام. وقامت تلك الأجهزة بالتعذيب، وتغولت الأجهزة الأمنية وأصبحت هي الحكومة. أما المؤسسات العدلية، ومنها هيئة التحقيق والإدعاء العام، وديوان المظالم، فقد فشلت في إنصاف المعتقلين، ولجم أجهزة المباحث. وتساءل القحطاني: بأيّ حق يصدر وزير الداخلية أمراً لديوان المظالم بعدم قبول أي قضية ضده؟). وهنا قاطعه القاضي بالقول: الإجابة خارج السؤال. فرد القحطاني: دعني أكمل! القاضي: لا. القحطاني: أنا أجبت فاضبط جوابي. القاضي: لا لم تجب ولن أضبطه.محاكمة أم مناصحة أم تحقيق؟!
كان القاضي يسأل في الجلسة أسئلة لا علاقة لها بالقضية، يقول احياناً أنها للإستفسار، وأحياناً يقول نصيحة، ولا يضبطها في المحضر. سأل القاضي القحطاني: ما هي الموبقات؟ فرد: هي المهلكات. قال القاضي: ما هي الموبقات المخرجة من الملّة؟ رد الحامد: في الحديث احذروا السبع الموبقات، وأيضا الزنا يعتبر من الموبقات، وهو لا يخرج من الملة. قال القاضي: يا الحامد لا تتكلم إلا إذا جاء دورك!وقال المتهم د. القحطاني للقاضي: والله ما عاد ندري، هل نحن في جلسة مناصحة، أم جلسة تحقيق، أم محاكمة، ثم إن الأسئلة كلها موجهة لنا! لمَ لمْ تسأل المدعي العام ولا مرة، أسأله ولو مجاملة! رد القاضي متسائلاً: ما تقبلون مني نصيحة؟! فقال الحامد: قل إنها للنصح وليس للقضاء.
القاضي محقق ظالم يسخر من المتهمين
ما فتئ القاضي حماد العامر في جلسات المحاكمة يسخر من الدكتورين الحامد والقحطاني ولم يبذل جهداً بحضور المواطنين ليظهر بمظهر القضاة في كل العالم، رزانة واعتدالاً والتزاماً بأدب الجلسات. فتارة يقول أنه يناصح المتهمين، وأخرى يحاورهم، وثالثة يقول بأنه يريد أن يتعلم منهم، فيردون عليه: هنا محاكمة، والحوار مكانه في النور على طاولة المتحاورين يجلس أمامها أنداد، ولا يكون حوار المخالفين بإدانتهم مسبقاً والزجّ بهم في الزنازين المظلمة، أو تحت سياط محاكم التفتيش، فهذا يدل على ضعف الحجة والإفلاس الفكري. وزيادة على ذلك، فإن القاضي في الجلسة الثامنة لم يضبط ويسجل كل الأسئلة والاجابات بشكل كامل، حيث كان يستمع للإجابات كاملة ثم يسجلها أحيانا كاملة، او مجتزأة ليكون المعنى فضفاضاً، وأحيانا يصرّ على الإختصار دون شرح، أو الإجابة بنعم أو لا. وهذا يخلّ بأبسط إجراءات التقاضي، وحقوق المدعى عليهم.عملاء البي بي سي!
القاضي يسأل: هل من الاحتساب تقديم المعلومات للجهات الخارجية للإساءة للدولة حتى إن كانت غير موثقة؟ قال له القحطاني: حدّد من هي الجهات الخارجية. قال القاضي: تلفزيون البي بي سي! القحطاني: ما علاقة البي بي سي؟!. القاضي: ومجلس حقوق الإنسان؟ ردّ القحطاني: على المدّعي العام البيّنة بأن يثبت أن المعلومات التي قدمناها في مجلس حقوق الإنسان غير موثوقة، ثم إن آليات مجلس حقوق الإنسان وافقت ووقعت عليها الحكومة السعودية.من المغرّد في الجلسة: القحطاني أم القاضي؟
سأل القاضي د. محمد القحطاني عن تغريداته في تويتر، فرد الأخير: (لن أسمح لكائن من كان أن يتدخل في حريتي.. لا يمكن أن أتحدث عن حساباتي في شبكات التواصل الاجتماعي، فهي حرية رأي لا يمكن التنازل عنها، وأتحدى من التحقيق أن يثبت عليّ أي توقيع. سنصبح مثل كوريا الشمالية والصين في القمع). رد القاضي: (هذا حسابك في تويتر، فيه اسمك وصورتك، وتقول فيه إنك سافرت لأبها ونجران والجو زين). أجاب القحطاني: (هل السفر لأبها ونجران ممنوع؟! بحيث تورد السفر إليهما ليكون قرينة على ماذا؟). القاضي: لا أدري. واضاف القحطاني: (كم حساباً يستخدم اسمي وصورتي في تويتر؟ إذا الدولة منزعجة من شبكات التواصل الاجتماعي، فلماذا لا تغلقها؟! أفترض أنها دولة ذات سيادة بإمكانها أن تفعل ما فعلته دول أخرى). وتابع: (رفضت التصديق على التغريدات، ووقفت في وجه الإدعاء العام، حتى لا تتم جرجرة الشباب والشابات للتحقيق بسبب تغريداتهم).الأرض اغتصبها آل سعود
سأل القاضي القحطاني عن تغريدة في تويتر ورد فيها: (..لأن الشعب مهمّش والأرض مغتصبة)، ماذا تقصد بقولك (الأرض مغتصبة)؟ أجاب القحطاني: (هذا الكلام صحيح، الشعب لا صوت له في القرارات الحاسمة، والأراضي مشبّكة. أريد أن تطالب أجهزة الدولة بإحصاء الأراضي المشبّكة من دون حق شرعي. هل تستطيع أن تحضر الأمير مشعل بن عبدالعزيز والأمير متعب بن عبدالعزيز وتسألهما عن ملايين الأمتار المشبّكة؟).الربيع سيخصب الصحراء!
وجه القاضي للدكتور الحامد 11 سؤالاً تدور كلها حول آرائه ومقاصده وتتضمن: أوضح، فسّر، ما قصدك، نورد منها على سبيل المثال:س: ما قصدك من قولك إن الربيع العربي سيخصب الصحراء؟
س: هل المظاهرات تحقق مصلحة عامة للمسلمين؟
س: هل مخاطبة الجهات الخارجية ـ في أمور غير موثقة ـ من الإحتساب؟
س: ما معنى: أن يكون المجاهد صحيح المقصد، وكيف يمكن اثبات ذلك؟
س: قلت: (يستمد الحاكم في الإسلام ولايته من الأمة وهي ولية أمرها، ويجب عليه طاعتها كما يطيع العبد سيدته). ما المقصود من ذلك؟
س: قلت: (التوحيد قسمان: روحي عموده الصلاة، ومدني عموده العدل والحكم الشوري)، ما المستند في تقسيم التوحيد؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق