الأحد، 13 يناير 2013

هل السعودية على المحك؟قلق المصير يستبد بآل سعود

مقالات عدّة صدرت الشهر الفائت تتناول التحديات المصيرية التي تواجه النظام السعودي، ولعل أبرزها ما نشرته صحيفة (واشنطن بوست) في  (أغسطس) حيث تحدّثت عن خطر انفجار النظام السعودي. تحت عنوان (هل السعودية على المحك؟) نشرت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية مقالا للكاتب الأمريكى المعروف (ديفيد اجنانتيوس) المهتم بالشرق الأوسط . وقال الكاتب فى بداية مقاله (إنه من خلال تعيين الأمير بندر بن سلطان كرئيس جديد لجهاز المخابرات السعودي ، فإن المملكة السعودية تكون أقامت ما يشبه مجلس وزراء الحرب في الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر مع إيران والمعارضة الداخلية المتزايدة من الأقلية الشيعية).
ورأى الكاتب أن السعوديين زادوا أيضاً من مستوى التأهب بطرق أخرى للتحضير لنزاع إقليمي محتمل حيث تم حشد القوات المسلحة السعودية وإعلان حالة الاستنفار وإلغاء الإجازات الصيفية الشهر الماضي. وقال الكاتب إن ذلك له تفسير واحد وهو إعلان حالة التعبئة العامة، فى ظل تنامي توقعات الرياض بحدوث تطور سريع ومفاجئ فى المنطقة، واحتمال نشوب حرب إقليمية تتورط فيها تركيا ضد سوريا وتتدخل إيران.
وجاء تعيين رئيس المخابرات الجديد متزامنا مع قيام المملكة السعودية بزيادة دعمها للمسلحين في سوريا، فى إطار مساعيها لإسقاط نظام بشار الأسد، بالتعاون مع الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا والأردن وغيرها من الدول التي ترغب فى إسقاط الأسد.
وبحسب الكاتب فإن بندر سيكون وسيطاً مفيداً، على سبيل المثال، إذا سعت المملكة السعودية للحصول على أسلحة نووية أو تكنولوجيا الصواريخ الباليستية من الصين للدفاع عن نفسها أمام التهديدات الايرانية. فقد كان له دور بارز في صفقة الصواريخ السرية عام 1987 مع الصين، والمعروفة بإسم (رياح الشرق). كما كان له دور نشط أيضا في مهمات سرية مع سوريا ولبنان على مدى عقود، ووفقاً لصحيفة (وول ستريت جورنال) الامريكية، ساعد بندر في ترتيب زيارة قام بها مؤخراً الجنرال (مناف طلاس)، المنشق السوري الأعلى رتبة إلى المملكة السعودية.
وأشار الكاتب الى ان بندر يتمتع بعلاقات جيدة مع أمريكا وهو ما سيجعل المخابرات السعودية على اتصال جيد مع الولايات المتحدة، فقد قضى عقدين من الزمن فى واشنطن كسفير للسعودية. وحافظ بندر على علاقات وثيقة مع وكالة الاستخبارات المركزية خلال فترة رئاسة ريغان، وقيل إنه ساعد في تنظيم التمويل السري للأعمال السعودية الأمريكية المشتركة السرية في الشرق الأوسط قبل وبعد حرب الخليج عام 1991.
واستمر بندر في لعب دور من وراء الكواليس حتى بعد مغادرته واشنطن في عام 2005، كما لعب دورا فى دعم سياسة ديك تشيني نائب الرئيس السابق في المواجهة ضد إيران.
ومن المثير للاهتمام، أن بندر كان هدفاً خاصاً لهجمات وسائل الاعلام الايرانية في الايام الاخيرة. ووصف التلفزيون الايراني بندر بأنه عميل للمخابرات الامريكية والموساد الاسرائيلي. وتناضل السعودية من اجل احتواء الاحتجاجات الشيعية في القطيف، وقد أدّت تلك الاحتجاجات، إلى وفاة شخصين في أوائل شهر يوليو، وكانت هناك تقارير عن سقوط مزيد من الضحايا. وقال الكاتب إن السعوديين غير قادرين على وقف حركة التمرد في القطيف، بل يبدو أنها تزداد سوءاً. وتوقع الكاتب مزيدا من التصعيد فى السعودية فى الايام المقبلة، ويبدو ان المملكة التى ظلت طوال الأشهر الماضية تقاوم رياح الربيع العربى، ستكون هي المحطة القادمة.
بندر رجل الحروب المقبلة (مع ايران وربما سوريا)
في مقاربة مماثلة، ولكن شملت المملكة السعودية وقطر، نشر موقع (صوت روسيا) في 30 تموز (يوليو) الماضي مقالاً بعنوان (السعوديون والقطريون في طريقهم الى مواجهة إنفجار مضاد)، للكاتبة ناتاليا سيروفا. ترى الأخيرة بأن بعد ليبيا أصبحت سورية مركزاً جديداً تدور حوله السياسة العالمية، وأن شراء الجيش السعودي 800 دباية ألمانية وتحريك قطاعاته إنما هي تحضيرات لغزو سوريا (وكأن المنطقة ككل والمملكة العربية السعودية خالية من مشاكل اخرى).
بل ترى سيروفا بأن كثيرين نسوا أن بداية الربيع العربي لم تكن تونس ومصر فقط، بل هناك دول خرجت فيها جماهير الى الشوارع في الجزيرة العربية: البحرين واليمن والمملكة السعودية.
تشدّد ناتاليا على دور ما تسميّه بـ (المكتب السياسي) الموكول بإيجاد الحلول الوسط واتخاذ القرارات، حيث يتم الاتفاق على الأمراء الورثة. وقد أثار قرار المكتب بتعيين الأمير سلمان، الاخ غير الشقيق للملك عبد الله في منصب ولي العهد قسم من العائلة المالكة. ولكن عملياً لم يبق الكثير ممن يمكن الانتخاب فمن هم على (مصطبة الانتظار) من الجيل القديم يقل عددهم باستمرار، أما السماح بإدارة الدولة من قبل (جيل الشباب) والذي في الخمسينيات من العمر من الأبناء وأبناء العموم فالحديث عن هذا غير وارد. والسبب أولاً لأن عددهم كبير يقرب من 300 شخص ويوجد خطر التخاصم بينهم.
في مقالة للكاتب سمير كرم في صحيفة (السفير) البيروتية في 26 تموز (يوليو) الماضي بعنوان (عندما يأتي دور السعودية) يتحدث فيه عن مخاوف أميركا: (أخشى ما تخشاه اميركا ان يأتي دور السعودية، سواء جاء بعد غيرها من دويلات الخليج الصغيرة او قبلها). والسبب في ذلك (ان الجماعات الإسلامية المنظمة التي قاتلت من قبل في ليبيا وسوريا وفي اليمن، وخاضت معارك سياسية في مصر، انما تقاتل من اجل السلطة قبل كل شيء. ولن يقف طموحها عند حدود السعودية أو غيرها). يزيد في مخاوف اميركا هو سعي التنظيمات الاسلامية الى السلطة في السعودية وهو سعي (يكبر مع اتساع رقعة السيطرة التي تحققها هذه التنظيمات في المنطقة).
يقول كرم بأن أميركا تعلم بأن سخاء النظام السعودي في مساعدة التنظيمات الاسلامية في صور أموال وأسلحة يهدف بالدرجة الأولى إلى إبعاد خطرها عنها وعن منطقة الخليج وخصوصاً قطر والإمارات، لكن أميركا تعتقد بأن هذا السخاء السعودي وغيره (لن يكون سبباً في وقف زحف هذه التنظيمات الى ابعد من سوريا ومصر وليبيا واليمن وتونس).
أميركا، حسب كرم، تدرك جيداً بأن الحرب الدائرة في سوريا يمكن أن تطول، وقد تنتهي بانكسار التنظيمات الاسلامية وفشلها في الاستيلاء على السلطة في دمشق. وهنا يكمن الخلاف الخفي بين السعودية وأميركا، لأن الأولى مقتنعة تماماً بالسيناريو الليبي، وهي لا ترى سبباً يمنع الولايات المتحدة من ان تستخدم قوات حلف الاطلسي لإنهاء الصراع الدائر في سوريا بدلاً من أن يطول أو يتعثر. اما الولايات المتحدة فإنها ترى ان ليبيا كانت بيئة مختلفة وأقل وعورة من البيئة القتالية السورية، وأنها لا يمكن ان تغامر بدخول عسكري اميركي و/أو اطلسي في سوريا قد يستمر لفترة طويلة وقد لا يحقق اهدافه.
يسلط كرم الضوء على جانب آخر من الخلاف بين الرياض وواشنطن حول المعارضة السورية. ويرجع هذا الخلاف الى تعدد توجهات واتجاهات هذه المعارضة في ما يتعلق بالتدخل الخارجي العسكري. فبعض منظمات او جماعات المعارضة السورية ترحب وتدعو الى تدخل خارجي تظن انه يمكن ان يحسم الحرب الدائرة، وبعضها الآخر يعارض هذا التدخل ويعتقد انه يقضي على اي فرصة لنيل تأييد الشعب السوري ضد النظام.
ويلفت كرم الى بعد آخر في الخلاف أضافته اسرائيل على الموقف وتحمست له الولايات المتحدة، ولكنه يزيد من تردد الموقف السعودي، وهو الخشية من سقوط أسلحة كيماوية سورية في ايدي المنظمات المعارضة. ويرجع حماس اميركا للتدخل الاسرائيلي الى اقتناع بأن دوراً اسرائيلياً يمكن ان يساعد في حسم الحرب على سوريا، اما التردد السعودي فيرجع الى إدراك أن دخول اسرائيل من شأنه ان يلهب مشاعر الشعب السوري ضد المعارضة وضد كل القوى المؤيدة لها.
من وجهة نظر كرم، فإن المسائل الخلافية بين النظام السعودي وواشنطن مجمدة وإعطاء الأخيرة سلطة تقرير ما يشاء. وفي الوقت نفسه تحاول السعودية بجد النأي بنفسها عن المسائل التي تنفرد واشنطن بها، مثل عملية التفجير التي جرت في مبنى الأمن القومي السوري في دمشق والذي أدّى الى مقتل وزير الدفاع ونائبه ومدير الأمن القومي ومسؤول خلية الأزمة..نأت السعودية بنفسها عن العملية وآثرت الصمت، فيما كانت التقارير تتحدث عن تخطيط أميركي معقد ودقيق لهذه العملية.
مصدر قلق السعوديين من أفكار حلفائهم الأميركيين تكمن في السؤال التالي: ماذا ستفعل الولايات المتحدة اذا تحالف الاسلاميون، والاخوان المسلمون على وجه الخصوص، ضد النظام السعودي في سعيهم المتواصل والدؤوب للاستيلاء على السلطة؟. النظام السعودي وبعقليته الارتيابية متيقّن من أن الاسلاميين سيبذلون اقصى ما بوسعهم لإقناع الاميركيين بأنهم سيبقون على تحالفهم معهم اذا ما آلت السلطة اليهم في السعودية. ومفهوم ان هذا يعني ان (الاخوان المسلمين) وحلفاءهم السلفيين سيتعهدون للاميركيين بالاستمرار في امدادهم بالنفط من كل منطقة الخليج. ومن وجهة نظر كرم، فإن مثل هذا التعهد من جانب المنظمات الاسلامية لن يكون أصعب من تعهد الاخوان المسلمين في مصر للاميركيين والاسرائيلين بالحفاظ على معاهدة السلام التي وقعها نظام أنور السادات المصري مع اسرائيل وحافظ عليها بكل اهتمام نظام حسني مبارك طوال اكثر من ثلاثين عاماً.
إن الاعتقاد بأن النظام السعودي قريب من أي نظام يمكن أن يقيمه الاسلاميون وخاصة (الاخوان المسلمون)، وبالتالي ما الذي يستوجب تغيير النظام السعودي بنظام شبيه به؟ يجيب كرم: ان الاستيلاء على السلطة هو هدف أولي يسبق ويعلو على كل الاهداف الأخرى لدى المنظمات الاسلامية وبالاخص (الاخوان المسلمين). وهذا هو السبب في ان الحكام السعوديين يخشون أن يرتد المعارضون الاسلاميون عليهم في حالة ما اذا نجحوا في سوريا وحتى اذا فشلوا هناك.
ثورات الربيع قد تفرز تحالفات اميركية مع الإسلاميين تطيح بآل سعود
إذاً، فإن أكثر ما يستبد بقلق السعوديين هو رد فعل واشنطن في حال تحالف الإسلاميون الذين تؤيدهم فأصبحوا مناهضين للحكم السعودي، في المقابل فإن ما يؤرق التنظيمات الاسلامية يتلخص في السؤال التالي: إلى متى تظل الجماعات الاسلامية بعيدة عن استهداف النظام السعودي؟
الاجابة كما يراها سمير كرم تتلخص في الإعلان الفجائي من جانب النظام السعودي بتعيين بندر بن سلطان رئيساً للمخابرات العامة. معنى هذا القرار، حسب كرم، هو (ان المملكة تريد ان تستعين بخبرة بندر بالولايات المتحدة وسياساتها وقراراتها في المرحلة القادمة). يضيف (وربما يكون المعنى الحقيقي لهذا القرار ان المملكة السعودية تريد ان تقرأ نيات اميركا السياسية بشأنها في الاعوام التالية). والسبب في ذلك، أن الأمير بندر هو أعلم وأخبر شخصيات المملكة بأميركا وسياساتها وأهدافها، خاصة في المنطقة العربية. نقل كرم عن محلل سياسي يدعى عبد الله الشمري بقوله (في هذه اللحظات القلقة للغاية بالنسبة للسياسة الخارجية السعودية فإننا نحتاج الى بندر بن سلطان. انه بركان ونحن بحاجة الى بركان في هذه اللحظة). أما مايكل ستيفن، المحلل السياسي في معهد الخدمات الملكي المتحدة: لو انهم (السعوديون) يريدون زيادة تدخلهم في المسألة السورية فهذا هو رجلهم.
خلاصة ما يذكره كرم في مقالته أن لدى النظام السعودي قلقاً عميقاً من دور الولايات المتخدة في حال قرر الاسلاميون نقل عملياتهم الى السعودية ومنطقة الخليج، حيث يخشى النظام السعودي من اتفاقات تحت الطاولة أو وراء الكواليس بين واشنطن والاسلاميين تؤدي الى زوال النظام السعودي وتفتح الباب أمام سيطرة الاسلاميين على السلطة في كل دول الخليج.
في سياق مماثل، كتب الباحث والمعارض فؤاد ابراهيم مقالاً في (السفير) بعنوان (السعودية وصراع الوجود) ينطلق فيها من أن هناك قلقاً من نوع آخر لدى آل سعود يكشف عن بنية الكيان الجيوسياسي غير القائم على عهد وطني، حيث تصبح السلطة، وليس الدولة، مايحاول ال سعود استنقاذه. ويرى ابراهيم بأن الربيع العربي أزال ما أسماه (القشرة المضلّلة عن الفاكهة الفاسدة)، في إشارة الى النعوت الأيديولوجية (قومية أم اشتراكية أم دينية) التي تسبغ على الكيانات الجيوسياسية.
ويعتقد ابراهيم بأن مصادر المشروعية للنظام السعودية تحوّلت الى عبء ثقيل على الكيان، وأن البدائل تبطن خطراً وجودياً أي أن كل مصدر آخر للمشروعية هو على النقيض من المصادر القائمة..في المقابل، ليس هناك نيّة بأي مستوى لدى النخبة الحاكمة المؤلّفة حصرياً من أعضاء في العائلة المالكة في وارد التفكير بمنطق الدولة الوطنية، ولذلك (باتت تعمل في ضوء خطاب غرائزي شديد الفئوية والطائفية، وهو ذات الخطاب الذي أسّس السلطة السعودية لكنّه أخفق إخفاقاً ذريعاً في إقامة دولة وطنية..يعني ذلك ببساطة، أن النكوص الى عقل ما قبل الدولة يشي بحقيقة أن الخطر بات وجودياً..).
من وجهة نظر الدكتور ابراهيم، فإن المغامرة الأمنية بإطلاق النار على الرمز الديني والناشط نمر النمر ثم اعتقاله بعد إصابته في رجله جاءت في سياق إعادة ترميم الهيبة الأمنية. يضع ابراهيم التدبير الأمني هذا وأمثاله في سياق (الذهول المنفلت بوحي من الإحساس بالذعر من خبايا التحوّلات الاجتماعية التي جرت منذ انطلاق برامج التحديث مطلع سبعينيات القرن الماضي).
توقف ابراهيم عند النزعة الطائفية لدى النظام السعودي، ما يفقد الكيان صفة الدولة. في السياق نفسه، يرى بأن الانغماس السعودي المفرط في الشأن السوري يبتغي إعادة بناء المشروعية الدينية للنظام السعودي داخل المبنى السني العام، وأيضاً في الوسط الاجتماعي السلفي كرد فعل على ما أحدثته الانتفاضات العربية من تعــرية للمزاعم الدينــية والتاريخية التي نضبت تدريـجاً مع انتقال الربيع من بلد الى آخر..؟!
وهناك يلتقي ابراهيم عند سياق التحليل حول مصادر قلق النظام السعودي، حيث يستدعي مجريات أحداث مع بعد دخول قوات صدام حسين الكويت في آب (أغسطس) 1990، حيث (كانت السعودية على موعد مع أول انكسار في خطاب الوالي). وكان من آثار تلك الأزمة إنشقاقها عن(تيار صحوي أصاب الأساس الديني للدولة السعودية في مقتل، عبر سلسلة خطب وعرائض ومذكّرات، أطلقت موجة شكوك حول الالتزام الديني للدولة السعودية، بل وضع رمز صحوي كتاباً بعنوان (الكواشف الجليّة في كفر الدولة السعودية)، ثم جاءت (مذكّرة النصيحة) بعد فترة قصيرة من صدور الأنظمة الثلاثة (النظام الأساسي، نظامي مجلس الشورى ومجلس المناطق) التي أعلن عنها الملك فهد في آذار (مارس) 1992، والتي وقّع عليها ما يربو عن مئة رجل دين وناشط سلفي وصفت بأنها (مانفستو سلفي) طالبوا فيها بإعادة أسلمة الدولة السعودية)
اعتقال مشايخ التيار أدى في البداية الى تباين في المواقف لفترة من الوقت. فقد تنكّب هؤلاء (من مقلب الى آخر حتى تباينوا في المواقف فصار قسم منهم مع الثورة العربية وإن بصورة مواربة، والبعض الآخر متردد بين البوح والانكفاء، وآخرون يرجون تغييراً غير مكلّف على المستوى الشخصي).
مصدر قلق آخر لدى النظام السعودي يتمثل في البعد الأمني. ويشرح الدكتور ابراهيم ذلك بما نصّه (فالدول الشمولية ليست بحاجة الى مصادر عديدة حتى تحافظ على استقرارها واستمرارها، فيكفي أن تملك أجهزة أمنية قادرة على القمع وفرض الهيبة كيما تقيم كياناً، تماماً كما لو أن شخصاً يمتلك أموالاً طائلة وبإمكانه أن ينظّم شبكة عصابات يقيم بها سلطة، لأن السلطة هي في الحساب النهائي اختلال ميزان القوة في المجتمع لصالح طرف ما). ويذكّر ابراهيم بتجربة المناضلين في الستينيات ولا سيما اليساريين والبعثيين مةا أحدثه عهد الملك فيصل من آثار نفسية مرعبة، الى حد أن بعضهم لا يزال يعيش في المنفى من وحي أهوال تلك المرحلة..ولكن بعد مرور أكثر من أربعة عقود، فإن النضال الشعبي المدني تصاعد الى مستويات متقدّمة، فيما لم تعد الهيبة الأمنية للنظام تشكّل عائقاً أمام الحراك الشعبي، رغم أن أدوات القمع وأساليبه لم تتغير، بل ازدادت بشاعة لكنها إرادة الشباب التي قلبت المعادلة.. في نهاية المطاف، فإن الهيبة الأمنية التي ارتبطت خلال العقود الأربعة الماضية بشخصية راسخة في النظام مثل الأمير نايف، ولي العهد ووزير الداخلية السابق، تتآكل بسرعة).
في التحليل النهائي يرى ابراهيم بأن ليس هناك من رهانات كثيرة متبقية بعد انقشاع سحر الأيديولوجية الدينية المشرعنة للسلطة، وأفول الهيبة الأمنية، وهذا يفسّر الى حد كبير الأداء المربك سياسياً وأمنياً وعسكرياً. ثمة من يمرّر رأياً مفاده أن التحضيرات للحرب الإقليمية القادمة تسمح بتقطيع مرحلة بخسارات جزئية وتحمّل تبعاتها..يذكّر ابراهيم القراء والناشطين عموماً (ليس هناك في المملكة السعودية من يتحدّث اليوم عن إصلاحات سياسية أو حتى انفراجات موضعية في الملف الحقوقي، باستثناء تنفيس احتقان هنا أو هناك، والحال نفسه ينسحب على الملف البحريني الذي بات سعودياً بامتياز).
ويرى ابراهيم بأن هناك تعاوناً أميركياً سعودياً، يقوم على تهدئة أميركية مؤقّتة في الستة شهور المقبلة ريثما تحسم هوية القادم الى البيت الأبيض في مقابل تكفّل السعودية بالحفاظ على سخونة الوضع الإقليمي وصولاً الى اشعال الحرب المنتظرة منذ سنين لتغيير خارطة الشرق الأوسط بإسقاط النظام في سوريا وشلّ القدرات النووية الايرانية وتحطيم حركات المقاومة في المنطقة..
ويرى ابراهيم بأن (كل ما سبق يأتي في سياق صراع الوجود، لأن النظام السعودي على وعي تام بأنه أمام فرصة تاريخية لن تتكرر، فإما أن يحقّق انتصاراً في الحرب القادمة ويستعيد مكانة خسرها بعد الربيع العربي، أو أن يستعد لمرحلة الانفلاش الجيوسياسي بيده وأيدي حلفائه وخصومه).

هناك تعليق واحد:

  1. التغيير سيطال السعودية ..لانها متخلغة جدا في الحكم وحقوق الانسان

    ردحذف