الخميس، 31 يناير 2013

الاسد في السلطة فالكارثة الانسانية للشعب السوري ستتواصل

طالما ظل بشار الاسد في السلطة فالكارثة الانسانية للشعب السوري ستتواصل، لان هذا الشعب اصبح اسير نظامه الاجرامي ويحتاج للانقاذ وليس فقط عبر الخطابات الحماسية والكلام المعسول.
افتتاحية صحيفة 'التايمز' البريطانية التي علقت على 'مذبحة حلب' الاخيرة، والتي وصفت فيها الاسد بأنه مثل بقية الديكتاتوريين الذين لا يعنيهم عذاب شعوبهم ويهتمون بمصالحهم الضيقة الا انه ما يفرقه عنهم هو شيء واحد ان خياله ضيق حيث يتعامى على الافعال الشريرة التي يرتكبها ويركز على الاشياء التافهة.
وتقول ان الانتفاضة الثورية ومنذ اندلاعها حصدت اكثر من 60 الف نفس وتزايد المعاناة للسكان من الصعب على المراقب الاجنبي فهمه. ومن هنا تعلق على الجثث التي عثر عليها الجيش الحر عائمة في 'نهر القويق' في حلب، حيث اظهرت الصور ضحايا عانوا من التعذيب واطلاق النار.
وفي الوقت الذي لا يعرف الجناة الذين ارتكبوا هذه الجريمة، خاصة ان بعض الضحايا اختفوا منذ اسابيع، مما اثار ذعر عائلاتهم من انهم ميليشيات الاسد 'الشبيحة' قد يكونون اختطفوهم. وتضيف الصحيفة ان الجماعات المسلحة قادرة على ارتكاب جرائم او افعال مثل هذه الا ان الاعتقاد العام هو ان الجريمة تحمل بصمات النظام، كيف؟ تقول الصحيفة انه قائم على الادلة والسوابق، فمجزرة الحولة في شهر حزيران (يونيو) العام الماضي التي ارتكبت فيها عمليات قتل وتشويه لاطفال ونساء، واظهر تحقيق مستقل للجنة تابعة للامم المتحدة ان الجريمة والمجزرة هي من فعل 'شبيحة' النظام.
واشار التقرير ان هذه المجازر ليست افعالا معزولة بل هي تعبير عن سياسة للدولة. وتقول ان محاولة النظام نفي الاتهامات والدفاع عنه ما هي الا مخادعة وفعل حقير، خاصة انه عادة ما يلقي باللوم على 'الارهابيين' وان على الاسد ان يخوض معركة ضد التطرف الاسلامي. وتضيف ان الاسد يكذب، فالكارثة الانسانية التي تعيشها سورية ما هي الا نتيجة مباشرة لهجومه على شعبه الاسير.

حياة الرئيس والاسرى

وتقارن بين تجاهل الاسد هذا الاجرام وحديثه الهادىء عن المولود الذي ستضعه زوجته اسماء. وتقارن بين ما يعانيه الاطفال السوريون من جوع وقتل وتشريد وما يدور في 'بلاط' الاسد حيث تسير الحياة بطريقة اعتيادية. فالحياة بالنسبة للسوريين اصبحت ركاما من الرعب الذي يمارسه رجل مجرم لا يرجى شفاؤه. وترى ان المجتمع الدولي الذي تقف الصين وروسيا امام اي تحرك في مجلس الامن، قد تخلى عن الشعب السوري. وتقول ان الوقت لم يتأخر للتدخل وانقاذ الشعب السوري من حاكمه المجرم، فمجموعة الدول من اصدقاء سورية يمكنها التحرك وان بشكل متأخر. فنظام الاسد استطاع تجاوز العقوبات الدولية ولهذا فيجب ان يواجه الاسلحة الثقيلة التي نشرت على الحدود التركية مع سورية، ويجب ان يتم تسليح المعارضة. وعلى الرغم من مطالبة الصحيفة الدائم لانشاء مناطق آمنة للاجئين السوريين الا انها تقول ان هذه المعابر الامنة ما هي الا مسكنات وحلول مؤقتة طالما ظل الاسد في السلطة. وفي الوقت الحالي تقول ان نظاما مجرما يمر بدون ان يعاقب على جرائمه الجماعية.

اعداد الضحايا وهوياتهم

وتزامن اكتشاف المذبحة مع تقرير الاخضر الابراهيمي - المبعوث الاممي الخاص لسورية الذي قدمه لمجلس الامن يوم الثلاثاء، وقدم فيه صورة قاتمة عن بلد يتفكك 'امام اعيننا' وعن نظام يفقد شرعيته، فيما حذرت مفوضية الامم المتحدة للاجئين من الكارثة الانسانية وقالت ان اكثر من 700 الف سوري فروا من بلادهم، وتطالب الامم المتحدة بمبلغ مليار ونصف المليار دولار لمواجهة الكارثة.
وكما تظهر المجزرة الاخيرة التي بثت في فيديو من ثلاث دقائق و32 ثانية، فالحرب في سورية اصبحت بربرية وكلا الطرفين قادر على فعل القتل، والدمار، وفي لعبة تبادل الاتهامات، يفر الفاعل الحقيقي ويموت الابرياء، فقد اشارت التفاصيل الاولية من ان الكثير من القتلى تم اختطافهم وكانت عائلاتهم تتفاوض من اجل الافراج عنهم مقابل فدية. وتعيش حلب منذ الصيف الماضي حالة من الجمود العسكري حيث اصبحت مقسمة بين فصائل المعارضة التي ليست قادرة على هزيمة الجيش السوري، ولا الاخير الذي لا يستطيع خوض شوارع ويعتمد على الدبابات والطائرات في عملياته ضد المعارضة. وقد اصبح القتل والاعدام بدون محاكمة امرا عاديا في كل انحاء سورية، كما وشهدت جامعة حلب انفجارا هائلا ادى لمقتل 80 طالبا قبل اسبوعين. وفي المجزرة الاخيرة تقول صحيفة' الغارديان' التي لم تكن قادرة حتى امس على تحديد عدد القتلى اذ تراوح ما بين 68 ـ 120 ونقلت عن شهود عيان قالت انهم جاءوا للتعرف على الضحايا خاصة انهم لم يكونوا يحملون اي وثائق هوية. وتقول ان مجزرة نهر القويق غير مسبوقة في المدينة التي شهدت دمارا شبه شامل للعديد من احيائها، ومع استمرار القتال بين الطرفين يخرج السوريون من المدينة بالالاف اضافة الى الرحيل الدائم.

قصص اللاجئين

وفي الوقت الذي ركزت فيه الصحف البريطانية على وصف ما جرى وجمع الشهادات من المناطق التي يسيطر عليها المسلحون، والاتهامات المتبادلة بين الحكومة والمسلحين، وان كان القتلى قد اختطفوا وهم يحاولون المرور عبر نقاط التفتيش التي يسيطر عليها شبيحة النظام ام لا، لكن بعض الصحف الامريكية ربطت بين المجزرة الاخيرة وكلمة الابراهيمي في مجلس الامن الذي لم يحمل معه اي حل، ولكنه حذر من تحول سوري الى ساحة للنزاع الاقليمي، وان دول المنطقة ليست بمأمن عن ما يحدث في سورية. وكل هذا بسبب عدم استعداد النظام او المعارضة للدخول في محادثات سياسية، مما عنى ان الاطراف المتصارعة اضحى لها من يدعمها من الخارج. وفي هذا السياق ركزت صحيفة 'واشنطن بوست' على معاناة وقصص اللاجئين السوريين الذين فروا الى جنوب تركيا. ونقلت عن ام في الثلاثين من عمرها قولها انه كان عليهم البقاء في بيوتهم والانتظار حتى تعبر الازمة. وتقول المرأة وهي مسيحية انها كانت تأمل بالبحث عن عمل في لبنان او الاردن لكن نقاط التفتيش التي اقامها الاسلاميون تجعل من السفر خطراـ نظرا لعدوانية هؤلاء تجاه المسيحيين. وتنقل الصحيفة قصص الرحيل الدائم للعائلات من مكان الى مكان بحثا عن الامان حيث تعرضت بيوتها للقصف واصبحت الاحياء التي يعيشون فيها خطرة. ولان الطرق صعبة والسفر خطر فالكثير من السوريين يتردد في الهرب للخارج. ولكن عندما يصبح الامر مسألة حياة او موت يهربون اما عبر النقاط الرسمية على الحدود مع تركيا او بالتهريب.
وتقول عائلة انها قررت الهروب بعدما اخطأت رصاصة رأس ابنتها البالغة من العمر 7 اعوام على الرغم من ان الاخت الكبيرة ناشدت والديها بعدم ابعادها عن صديقاتها بالرحيل. ويقول والدها احمد ان الامور تزداد سوءا كل يوم وانه حضر نفسه للاسوأ وهو خسارة كل شيء وان عاد فلن يعود الى اي شيء. ونفس القصة يحكيها اخر وهو صيدلاني حيث قال انه بقي مع ابنائه في البيت اسابيع يلعبون العاب الحرب ويقلدون الدمار حولهم وعندما لم تبق امامهم اماكن آمنة قرروا الرحيل. ولا تنتهي معاناة اللاجئين بالهرب، فاللجوء يعني الحاجة لدفع ايجار البيت الذي يعتبر عاليا، او العيش في خيمة او في بقايا حاويات سفن. ومع ان الكثيرين تحدثوا عن انقطاع التيار الكهربائي الدائم في دمشق وتعطل خطوط الانترنت، الا ان بعضهم تردد في اللجوء خوفا على بيته او مصنعه- محله التجاري من النهب. وهناك من يقول انه لم يكن يحلم ابدا ان يهجر بلده التي ولد وعاش فيها لكنه لم يحلم ايضا باليوم الذي تقوم به الحكومة بقصف بلداتهم بالدبابات والطائرات كما تقول ام فاضل من بلدة اعزاز في ريف حلب.
وتقول السيدة الشابة ان زوجها النجار لم يستطع الحصول على عمل منذ اكثر من 8 اشهر. وفي البداية واجهت العائلة مشاكل في الحصول المال لشراء الاحتياجات اليومية، وبعد ذلك لم يكن هناك طعام متوفر لكي يشترى، ثم جاء القصف الذي دمر السوق الذي تشتري العائلة من الطعام، ثم جاء البرد ونقص الماء، واخيرا الرحيل.

جامعة حلب

بعد ان ترحل العائلة وتعيش في الخيام، يتوقف الاطفال عن الذهاب للمدارس او الجامعات، وحتى تتوقف العائلة عن الذهاب للعيادة الطبية للاستشارة في بعض الاوجاع العادية التي تتطور للاسوأ لعدم علاجها. لكن في جامعة حلب التي لا يزال طلابها يحاولون فهم سر الانفجارين الكبيرين واللذين اديا الى مقتل اكثر من 80 شخصا يواصلون دراستهم وحياتهم اليومية.
وتقول ليلى وهي طالب في قسم العمارة انه لو لم يواصلوا الدراسة فستصبح سورية بلدا متخلفا. وتعلق صحيفة 'لوس انجليس تايمز' على الحادث وتقول انه كان هجوما مميتا واثار الاستغراب لاستهداف حرم جامعي، وكما هو الحال في المجزرة الاخيرة، فلا احد يعرف من المرتكب والمنفذ، وكل طرف يلقي باللوم على الاخر. وتضيف 'هذه هي الحالة في سورية حيث القتل الجماعي للمدنيين يؤدي الى غضب وحزن ومرارة ولكن بدون اية اشارة لمحاسبة الفاعل، خاصة في ظل استحالة القيام بتحقيق مستقل بسبب صعوبة الدخول لمحاور الحرب'. وتضيف ان الحصانة من العقوبة سائدة حتى في ظل تهديدات المجتمع الدولي من جرائم الحرب وتحويل ملفات للمحكمة الجنائية الدولية. وفي محاولتها لاستعادة ما حدث تشير الصحيفة الى الصاروخ الاول الذي سقط قرب كلية العمارة اما الثاني فضرب السكن الجامعي. وفي الوقت الذي تقول المعارضة ان النظام قصف الجامعة بطائراته وهي رواية تبنتها الحكومة الامريكية، الان سؤالا يطرح عن السبب الذي يجعل الحكومة تضرب موقعا يقع داخل مناطقها. تقول المعارضة ان الحكومة تريد ان تدفع الجامعة ثمن الاحتجاجات وتحولها لمركز للمعارضة. وتضيف ان استخدام الحكومة الطائرات والدبابات مفهوم في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة وليس الجامعة او مناطق سيطرتها. ومن هنا اتهمت الحكومة ' الارهابيين' حيث تنفي المعارضة كونها تملك صواريخ متقدمة كتلك التي استخدمت في العملية. وبرغم ذلك فالمعارضة قادرة على التفخيخ وتدمير مقرات الحكومة. وقد ثبت خطأ التقارير التي قالت ان الحادث نتج عن تفجير. وفي تفسير اخر للحادث، يقول مراقبون ان الصواريخ ربما اخطأت الهدف حيث لم تكن الجامعة مقصودة، والجيش السوري والمعارضة معروفان بعدم دقتهما على التصويب. وفي النهاية فايا كان الفاعل، فحلب الجامعة والمدينة تعيش حربا وحزنا وموتا ورحيلا وقاتلا يتربص في كل مكان، هويته معروفة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق