الأربعاء، 16 يناير 2013

هل تكون فاتورة التدخل الفرنسي باهظة الثمن حرب مالي تسقط ورقة التوت الجزائرية

 وضعت الحرب التي بدأت رحاها تدور في مالي تحت قيادة فرنسا، القوة الاستعمارية في المنطقة، الجزائر في موقف حرج.

فجأة وجدت الجزائر، التي طالما نصّبت نفسها مدافعة عن سيادة الدول ومنافحة عن عدم المس بها تحت أي ذريعة، وجدت نفسها مجبرة على الرضوخ للأمر الواقع، بل ومباركة التدخل الفرنسي من أجل قصم ظهر الجماعات الجهادية التي اشتدت شوكتها في منطقة الساحل حتى أضحت تشكل خطرا واضحا ومباشرا على الأمن والاستقرار في منطقة تقع على مرمى حجر من أوروبا.

ويرى العديد من المراقبين الأوربيين أن الموقف الجزائري، الذي بدا معارضا لأي تدخل أجنبي في مالي، إنما ينم عن رغبة حكام قصر المرادية في إبقاء المنطقة تحت وصايتهم ومن ثمة الظهور بمظهر الشرطي القادر في عيون الغرب واميركا بالتحديد، على ضبط الأمن في منطقة الساحل والصحراء.

لكن الغرب كان يعي تمام الوعي، حسب المراقبين أنفسهم، أن الجزائر لن يكون في وسعها الوقوف في وجه جماعات شبت عن طوق المخابرات الجزائرية، وتقوّت بفضل السلاح المهرب من ليبيا بعد الإطاحة بالقذافي.

ويذهب بعض المحللين مثل جيريمي كينان الباحث البريطاني المتخصص في شؤون الإرهاب بمنطقة الساحل، إلى أن الموقف الجزائري المعارض في السابق للتدخل الأجنبي في مالي لم يكن سوى محاولة لذر الرماد في العيون والتمويه على الرغبة الجزائرية في إبقاء الساحل ودول الجوار الجنوبي تحت يدها وذلك دفاعا عن مصالح مرتبطة اساسا بالوضع الداخلي في الجزائر بينها استمرار تحكم الجيش وأجهزة المخابرات في كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية.

ويؤكد كينان أنه يرى جليا منذ زمن أن الجزائر وبالتحديد مخابراتها، ضالعة في تنامي المنظمات الجهادية في منطقة الساحل، تلك المنظمات التي اثبت الواقع أنها خرجت من جلباب المخابرات الجزائرية لتصبح خنجرا في خاصرة المنطقة بأسرها.

وقد استرعى انتباه المراقبين تشبث الجزائر – وبشكل يدعو إلى الريبة – بتحييد دول فاعلة وذات وزن، مثل المغرب، عن كل محاولة ترمي إلى إيجاد حل أفريقي/ أفريقي لظاهرة الإرهاب الذي يهدد كل الإقليم الشمال أفريقي.

ويقول هؤلاء المراقبون إن الجزائر تعلم علم اليقين أن دخول دول معروفة باتزانها وقدرتها على إيجاد الحلول بفضل علاقاتها التاريخية والدينية بدول الساحل من شأنه أن يسحب البساط من تحت أقدام حكامها ويفضح مخططاتهم.

وعلى صعيد آخر، ينتظر المراقبون بعين الريبة إلى الصمت المطبق الذي لاذت به السلطات الجزائرية قبل وبعد انطلاق الحملة الفرنسية في مالي.

ويشير المراقبون إلى أن الجزائر معروفة بالتطبيل والتزمير لكل موقف يرى حكامها أنه يوافق أهواءهم ويخدم مصالحهم.

ولم يمر هذا الصمت المريب دون إثارة ضجيج داخل الجزائر، إذ عمدت بعض الصحف المستقلة مثل tout sur l’algerie "كل شيء عن الجزائر" إلى توجيه سهام النقد اللاذع إلى السلطات الجزائرية والأحزاب المحسوبة على المعارضة التي لم تحرك ساكنا إثر التحول "المفاجئ" في الموقف تجاه ما يجري في الجوار الجنوبي.

وتساءلت الصحيفة عن السبب الذي دفع حكومة الجزائر إلى عدم إخبار الشعب بقضية طالما تم تقديمها على أنها استراتيجية.

وعلق بعض المحللين بكثير من السخرية على عدم الخبار قائلين إن المواطن الجزائري لم يعلم بأمر الحملة الفرنسية عن طريق أي مسؤول من مسؤولي بلاده، بل عن طريق الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.

وألقى محللون سياسيون جزائريون باللوم على النظام الجزائري، ايضا، بعد موافقته على فتح المجال الجوي الجزائري أمام الطائرات الفرنسية في طريقها إلى مالي، وتزويد باريس بما تحتاجه من معلومات استخباراتية لإنجاز مهمة كانت الجزائر تعتبرها حتى الأمس القريب من اختصاصها دون غيرها.

ويؤكد جيرمي كينان أن الموقف الجزائري جاء ليميط اللثام عن الحجم الحقيقي للجزائريين في المنطقة، وليفوّت في الوقت نفسه الفرصة على الأفارقة، فرصة إطفاء جذوة نزاع دون الحاجة إلى تدخل أجنبي.

هناك تعليق واحد:

  1. كــــــن في الدنيا كعابر سبيل
    واترك وراءك كـــل اثر جميل
    فمـا نحن في الدنيا الا ضيوف
    ومــا على الضيف الا الرحـيل

    ردحذف