الخميس، 3 يناير 2013

شهدت غرناطة الأندلسية أمس الأربعاء احتفالا رسميا بـ'سقوط غرناطة' ونهاية آخر سلطة إسلامية غرب القارة الأوروبية.


شهدت غرناطة الأندلسية أمس الأربعاء احتفالا رسميا بـ'سقوط غرناطة' ونهاية آخر سلطة إسلامية غرب القارة الأوروبية.
واستعادت المدينة الجدل التاريخي والسياسي الذي يرافق هذا الاحتفال كل 2 كانون الثاني (يناير) بين مدافعين عن الاحتفال واعتباره جزءا من التاريخ بل ومحاولة تحويله الى تراث إنساني، وبين المناهضين له والذين يعتبرون أنه يمجد ويخلد أحد أسوأ فصول التاريخ بالقضاء على حضارة وطرد مواطنين اسبان قبل أن يكونوا مسلمين.
وهكذا، فقد شهدت غرناطة أمس الأربعاء الاحتفال الرسمي بسقوط المدينة يوم 2 كانون الثاني (يناير) 1492 عندما سلم عبد الله الصغير مفاتيح المدينة لإيزابيلا الكاثوليكية وفيرناندو وبدأت لاحقا عملية طرد المسلمين التي دامت 120 سنة حتى مرسوم 1609.
وأحيت بلدية المدينة هذا الاحتفال بشكل كبير وضخم وبمشاركة الجنود الحاليين وأشخاص يرتدون لباس جنود فترة سقوط غرناطة علاوة على المشاركة الرسمية للكنيسة ومباركة الفاتيكان للاحتفال.
ويحكم المدينة اليمين الإسباني الذي كلما وصل الى رئاسة البلدية يبالغ في الاحتفال وعندما يصل اليسار يخفف من الطابع الديني للاحتفال ولكن دون القدرة على إلغائه.
ويعطي الإسبان أهمية قصوى لسقوط غرناطة لأنها تؤرخ لبداية تأسيس الدولة الإسبانية الحديثة، كما تعتبر منعطفا فيما يسمى ظهور المفهوم المتكامل للغرب لأن غرناطة كانت آخر أراض في جهة أوروبا الغربية تنتزع من المسلمين ويتحول مضيق جبل طارق لاحقا الى فاصل ديني أكثر منه سياسي وجغرافي.
وتصّر البلدية على حق سكان غرناطة ومعهم الإسبان في الاحتفال بسقوط غرناطة، وللتخفيف من حدة الاحتفال العسكري والديني تنظم مساء كل 2 كانون الثاني (يناير) حفلا موسيقيا أطلقت عليه 'حفل الثقافات' لكن هذا لا يقلل من الانتقادات لشريحة أخرى من الغرناطيين.
ولم يمر حفل الاستعراض أمس بدون احتجاج، فقد تظاهر غرناطيون خلال مراسيم الاحتفال الذي تضمن الاستعراض وزيارة كاتدرائية المدينة مطالبين بوقف هذا الاحتفال ومؤكدين أنه 'لا يجب الاحتفال بالتصفية العرقية والدينية'.
وفي المقابل، تصفق الأغلبية للاحتفال ولكن يبقى الخطير هو أن الحركات اليمينية المتطرفة من مجموع أوروبا تبعث مندوبين عنها للتظاهر في هذا اليوم في غرناطة. وبهذا يستعيد اليمين الأوروبي المتطرف تقليدا ساد خلال القرون الماضية عندما كانت كنائس أوروبا تخلد سقوط غرناطة كرد على سقوط القسطنطينية (اسطنبول الحالية) على يد السلطان العثماني محمد الفاتح سنة 1453.
والجديد في هذا الملف خلال هذه السنة هو أن المجلس الإقليمي الذي يضم جميع المجالس البلدية والقروية لمدن وقرى إقليم غرناطة الشاسع قد شرع في إجراءات تقديم طلب عبر وزارة الثقافة الإسبانية الى منظمة 'اليونيسكو' لكي تعتبر سقوط غرناطة تراثا إنسانيا يجب الاحتفاء به.
وأكد ناطق باسم المجلس الإقليمي في تصريحات للصحافة أمس الأربعاء أن 'الاحتفال بسقوط غرناطة يوم 2 كانون الثاني/ يناير هو جزء من تقاليد وتاريخ المدينة ولا يمكن نهائيا تغيير التاريخ'. ووجه انتقادات قوية لليسار الإسباني بسبب رفضه الاحتفال بهذا اليوم.
ويخلف قرار جعل سقوط غرناطة تراثا إنسانيا استغرابا قويا في صفوف المثقفين والفنانين والنشطاء الحقوقيين المنضمين تحت تجمعات متعددة والتي ترفض رفضا قاطعا استمرار الاحتفال بسقوط غرناطة وتعتبر أن 2 كانون الثاني (يناير) يخلد للموت والتصفية العرقية والدينية وتطالب باستبداله بيوم للحوار بين الثقافات والديانات.
وكتب أكثر من قارئ في مواقع للصحافة الرقمية في اسبانيا وخاصة غرناطة حول هذا الطلب 'غباء تاريخي، تخليد 2 يناير يعني أنه يمكن تخليد ظهور النازية والفاشية وتخليد الموت والدمار'.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق